الأحد، 28 أغسطس 2016

في سقارة..الشرطة تحتجز متهمين بحرق القسم الذي لم يُحرق


البدرشين: هدير حسن
نشر بتاريخ 9 أكتوبر 2013

“القبض على عناصر إخوانية بتهمة إحراق واقتحام نقطة سقارة”، خبر تناقلته العديد من المواقع الإخبارية، يؤكد حريق واقتحام نقطة شرطة سقارة يوم فض اعتصامي “رابعة” و”نهضة مصر”، قد يبدو في الفترة الحالية التي نمر بها خبراً عاديا، ولكنه أفزع أهالي البدرشين.

الخبر، الذي أكد القبض على سبعة متهمين ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين بالبدرشين، وأنهم أحرقوا واتلفوا نقطة شرطة سقارة، تغافل 30 ألف مواطن أو يزيد، يعيشون بالقرية، ويعلمون جيداً أن النقطة لم تتعرض لأي سوء، فلا هي اُحرقت، كما أنها لم تقتحم.

وبزيارة مراسلة “المندرة” للقرية، علمت من أحد السكان، والذي يعمل بالإدارة التعليمية، أن النقطة تعرضت لمحاولة اقتحام من قِبل بعض الملثمين يوم فض الاعتصام، ولكن تصدي الأهالي لهم منعهم من ذلك، غير أن زيارة خاطفة للنقطة، من الداخل، ينفي ما تداولته المواقع الإخبارية، ويؤكد أنها تعمل بشكل طبيعي، إذن فبأي تهمة تم القبض على هذه “العناصر الإخوانية؟”

يحكي أحد أهالي البدرشين، فضل عدم ذكر اسمه، كان قد تم القبض عليه، فجر الخميس، الثاني عشر من سبتمبر الماضي، داخل مخزن مستلزمات طبية، وهو برفقة الدكتور الصيدلي أحمد فاروق لبنة، والمهندس حسين عبد الفتاح فرج، وأحمد يوسف أبو المكارم، المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين، ولكنه خرج بعد ساعتين لـ “عدم وجود اسمه بالكشف”، حسبما يؤكد.

وعن واقعة القبض عليهم قال “إحنا فجأة لقيناهم فوق دماغنا، وداخلين علينا كأننا إرهابيين، محدش فينا قاومهم، قاموا ربطوا إيدينا، وركبونا المدرعة، كأننا يهود، وغموا عنينا، وكل ده وهما بيشتمونا وبيضربونا، ويقولونا (انتو اللي قتلتوا العساكر صحابنا)”، وفور وصولهم لقسم الجيزة خرج لأنه لم يكن من الأسماء التي أرادت الأجهزة الأمنية القبض عليها، وطوال فترة تواجده كان يتعامل الضباط والجنود معهم بطريقة، رآها، غير آدمية “كانوا بيقولوا لنا أي حد هيتحرك فيكم، هنعتبر الطلقة كأنها خرجت غلط من السلاح، ونقتله”.

وكان الأمر أشبه بالحملة الأمنية، كما يصفها، أسامة لبنة، شقيق أحمد لبنة، أحد المقبوض عليهم، حيث قامت قوات الأمن بمداهمة منازل أعضاء الجماعة بالمدينة، وبالإضافة إلى الثلاثة المنتمين للإخوان، ألقت القبض على خالد شعلان وأخيه طارق، والشيخ حمدي جازية، إمام مسجد الشورى بالبدرشين، ومحمد حامد، سائق توك توك.

يؤكد أسامة أن أعضاء الحزب الوطني والمجلس المحلي، هم من أرشدوا قوات الأمن للقبض على أعضاء الجماعة وغيرهم، ويقول “الاعتقال أمر طبيعي وبيحصل، لكن المحزن إن الأهالي وأقرب الأقربين هما اللي بيدلوا على الأسماء، وكان بعضهم ماشيين مع الحملة بعربياتهم الشخصية، وبيدلهم على الأماكن والبيوت”، ويضيف “بقينا نشوف كم مخبرين، ومن عائلات البدرشين المعروفة نفسها مش من القسم ولا حاجة، ولم يمنعهم الحياء بين الأهل أن يبلغوا عننا”.

عبر أسامة عن استيائه الشديد من محاولات البعض وقف المسيرات المؤيدة للدكتور مرسي بالبدرشين، ويقول “هما هدفهم تخويف الناس ومنعهم من النزول للمسيرات، معتقدين إن القبض والاعتقال هيوقف المسيرات”. واستهدفت الحملة الأمنية، كما يؤكد أسامة، عدة منازل للمنتمين لجماعة الإخوان وغيرهم، ومن لم يجدوه كانوا يقومون بتخريب ممتلكاته، ويقول “دخلوا بيت الدكتور حسن، أخو المهندس حسين، وكسروه وهددوا أولاده بالأسلحة، أي حد مطلوب مش بيلاقوه، بيكسروا بيته وممتلكاته الشخصية، ويهددوا أهل بيته”.

وداخل محل البقالة، الذي يمتلكه خالد شعلان، أحد المقبوض عليهم، تقف زوجته حائرة، لا تعلم أسعار السلع، تستعين بابنتها الكبرى، أمل، ذات التسعة أعوام، لتعينها على البيع للزبائن، وتساعدها في معرفة الأسعار.

تقول أم أمل “أنا أول مرة أقف في المحل، والموضوع جديد عليا، بس الظروف بقى هنعمل إيه؟”، وتسرد واقعة القبض على زوجها وأخيه طارق، قائلة “إحنا لقيناهم داخلين علينا في الفجر، وبيفتشوا في كل مكان، وقبضوا على خالد وطارق”، وكان خالد بحوزته مبلغ 12 ألف جنيه، ظل يخبر قوات الأمن أنه “قبض جمعية” وليس ماله الشخصي، ولكنهم حجزوا عليها، “وقالوا أنها فلوس تمويل”، هكذا أكدت.

لا تعلم أم أمل لماذا احتجزوا زوجها، الذي خَلفَ وراءه أربعة أطفال، ولكنها تقول أنه كان يرفض ما حدث مؤخراً في مصر، ويراه انقلاباً، غير مشاركته في اعتصام النهضة، والمسيرات التي تجوب مدينة البدرشين.

يختنق صوتها قبل أن تنطق بالحديث، فوالدة الشيخ حمدي جازية، إمام مسجد الشورى وخطيب الأوقاف، وأحد المقبوض عليهم، بتهمة حرق نقطة سقارة، التي لم تحرق، أصبحت لا تشعر بمرور الوقت “من ساعة ما خدوا ابني، مبقتش حاسة بالوقت، الضهر بقى زي المغرب”، فهو ابنها الوحيد بين شقيقتيه المتزوجتين، وتكمل، وهي تمسح دموعها، “جاله شلل أطفال وهو عنده 13 شهر، ومن يومها وهو صابر، وآخرتها يحبسوه مع المجرمين، ده حافظ القرآن كله وهو في 6 إبتدائي، إزاي ياخدوه غدر وهو العائل الوحيد لينا”، وتستنكر والدته الاتهامات، التي وُجهت له، قائلة “معقول يحرق قسم، ده جسمه مش شايله، ده ميعرفش يمسك ابنه يضربه، وميقدرش يمشي في الشارع من غير عربيته المجهزة، معقول حافظ القرآن يتهان كده”.

وتقول أم محمد، زوجة الشيخ حمدي، أنه يوم القبض عليه، جاءه اتصال في الفجر ليخبره أن هناك مجموعة من قوات الأمن آتية إلى منزله للقبض عليه، فنزل إلى السيارة ونزلت معه، هي وأبناءهم الثلاثة، وبعد مسافة قصيرة، فوجئوا بسيارة الشرطة توقفهم “نزلوا علينا بالضرب والإهانة بألفاظ بذيئة، وهددونا بالمسدسات، وحطوا الطبنجة في دماغ أولادي، وأهانوه، على الرغم من إعاقته، وقالوله (إحنا بنوري ولادك اللي إحنا بنعمله فيك)”، وترى أم محمد أنه بعيداَ عن الموقف السياسي، كان لا بد أن تحترم قوات الأمن إعاقة زوجها، حيث أنه مصاب بشلل الطفال ولديه شرخ بالحوض، وأنهم من الممكن أن يعتقلوه ولكن بأسلوب وبطريقة مهذبة، تليق بمكانة الشيخ حمدي، حامل الماجيستير من جامعة الأزهر، كما ترى أن صحته الآن أمانة في أيديهم.

وتقول أم محمد” كل مرة نروح نزوره في قسم الجيزة، نلاقي الضباط بيبصوا لنا بريبة وبشكل مهين، لمجرد إن أنا منتقبة، وكأنهم شاكين فيّ”، وترى أن أراء زوجها، الشيخ حمدي، كانت سبباً في إيقافه عن الخطابة منذ أكثر من شهر وتحويله إلى عمل إداري بالأوقاف، حيث كان يميل إلى فكر جماعة الإخوان المسلمين، لكنه ليس عضواً بها، ويفضلهم عن السلفيين، كما أنه رافض لـ “الانقلاب العسكري”، وكان دائماً ما يعبر عن ما يراه صوابا من خلال منبره، ولكنها تؤكد على محبته من الجميع، المؤيدين له، والمختلفين معه.

وقال عزت غنيم، محامي المتهمين، والأمين العام لحزب الحرية والعدالة بمركز البدرشين، “مفيش قضية، وكل الموجود كلام على ورق” ، ويضيف أن المحضر الخاص بالقضية، يواجه المتهمين بمحاولة حرق قسم شرطة البدرشين، الذي لم يُحرق أيضاً، والشروع في قتل مجند الشرطة أشرف السيد كامل، الذي حاول غنيم أن يحصل على تقرير الطب الشرعي الخاص به، ولكن إلى الآن لم يفلح في ذلك.

وكانت محكمة البدرشين قد جددت حبس المتهمين في جلسة أمس الأول، وأوضح غنيم “هيفضل يتجدد لهم حبس كل مرة، لأن وكيل النيابة والمحامي العام والنائب العام، معندهمش سلطة إتخاذ القرار، والأوامر بتجيلهم وبينفذوها وهما مش عارفين مين اللي أصدرها”، ورأى أن القضاء المصري يعيش أسوأ أيامه، فمن كانوا يتحدثون عن استقلال القضاء في عهد الدكتور مرسي، لا يسمعهم أحد هذه الأيام.

الموضوع الأصلي من هنا.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق