الاثنين، 29 أغسطس 2016

أمير الشعراء العرب لـ ’’المندرة’’: الصعيد طارد للمواهب.. والشهرة لها ضريبتها


** المسابقة حولتني من شخص مجهول إلى نجم.. وجامعة الأزهر فيها اللي مكفيها والصعيد بيئة طاردة للمواهب

الجيزة- هدير حسن خليل
نشر بتاريخ 14 أبريل 2014

في اللحظة التي احتشد فيها الملايين بميدان التحرير وشوارع مصر انتظارًا لإعلان تحقيق مطلبهم ورحيل الرئيس السابق محمد مرسي, يوم الثالث من يوليو, كانت هي اللحظة التي أعلنت فيها لجنة تحكيم مسابقة أمير الشعراء, فوز الشاعر المصري, الدكتور علاء جانب, بلقب أمير الشعراء العرب.
ومرور أكثر من ثمانية أشهر لم يمنح الشاعر السوهاجي, ابن قرية عرابة أبو الدهب, ما يستحقه من الدولة أو من وسائل الإعلام, ولم ينل الاحتفاء الشعبي الذي انتظره, بعد انتزاعه للقب أمير الشعراء في منافسة شرسة بين 20 شاعرًا من مختلف أنحاء الوطن العربي, الأمر الذي أرجعه إلى توتر المشهد السياسي وقتها, والذي يبدو أنه لم يتغير إلى الآن.

الدكتور علاء أحمد السيد, الشهير بـ ’’علاء جانب’’, الأستاذ المساعد بقسم الأدب والنقد بكلية اللغة العربية جامعة الأزهر, من مواليد شهر ديسمبر عام 1973, كان لـ ’’المندرة’’ هذا الحوار معه, الذي تنقل فيه جانبا من طفولته إلى دراسته وعمله بجامعة الأزهر, ثم مشاركته السياسة, حتى مشاركته بمسابقة أمير الشعراء, وما تبع هذه المشاركة من تغيير.

وإلى نص الحوار:
كيف بدأت في كتابة الدواوين, وكم ديوان أصدرته ؟
أصدرت ثلاثة دواوين, أولها ديوان ’’أنا وحدي’’ صدر عام 2002 ولم يشتهر لأنني قمت بطباعته على حسابي الخاص, لأسجله برقم إيداع, وديوان ’’ولد ويكتب بالنجوم’’ عام 2011, وآخرها ديوان ’’لاقط التوت’’, الذي صدر بعد خروجي من المسابقة, وأعمل حاليًا على ديوان آخر لم أستقر على اسمه بعد.
أول دواويني أصدرته بناء على إلحاح أصدقائي, الذين استنكروا أن أترك أشعاري هكذا, وجاء الديوان متأخرًا نظرًا لمروري بظروف شخصية منعتني من الإهتمام والتركيز على الشعر فقط, والتفت إلى جوانب آخرى في الحياة, منها التركيز على عملي بالجامعة وتحضيرات الدكتوراة, وكان ذلك طريق صعب سلكته برغبتي, فكنت أريد أن أبني نفسي أكاديميًا بشكل جيد, واخترت دراسة النقد الأدبي, حتى لا أبتعد عن الشعر, كما سعيت إلى تكوين أسرة, فأنا لم أنقطع يومًا عن الكتابة, لأن الشعر لعنة ليس لي فيها أي اختيار.

ما رأيك في عرض الإعلام للشعر والشعراء؟
في هذه الفترة كان يُنشر لأسماء ليس لها قيمة, ويعاني شعراء لهم قيمتهم الحقيقية من الغبن والظلم, بينما الشعراء القريبين من ’’الشِلل’’ الموجودة في وزارة الثقافة وقصور الثقافة, هم من يُنشر لهم, فالموضوع قائم على المعارف, وهو مازال موجودًا حتى الآن- للأسف الشديد- ولم نتخلص منه.
ولكن الآن الوضع مختلف بالنسبة للشباب الذين وجدوا في وسائل التواصل الإجتماعي, طريقة يروجون بها أشعارهم, ويحصلون على إعجاب متابعيهم, (ويضيف مازحًا) ربنا يدخلك الجنة ياللي عملت الفيسبوك وتويتر.

وماذا عن مشاركتك في مسابقة ’’أمير الشعراء’’؟
بعد استقرار حياتي بشكل كبير أكاديميًا واجتماعيًا, عدت مرة آخرى لأنتبه إلى الشعر, وكانت المسابقة بالنسبة لي حلم, كنت دومًا أتخيل وجود مسابقة بهذا الشكل, قبل أن تبدأ, خاصة أنها تصنع من الشاعر نموذج مشرف ومحترم, كما أن المسابقة تحول المُشارك, من مجرد شخص إلى نجم ملء السمع والبصر.
وبالتأكيد لم يكن أحد ليعرفني أو يهتم بما أكتب لولا مشاركتي في البرنامج, فهناك شعراء كُثر, ربما أفضل مني, ولكن لا أحد يعلم بهم, فالبرنامج لديه القدرة على تحويل الشعراء من أناس قابعين في الظلام إلى نجوم في المجتمع, مثلهم مثل الفنانين, ولاعبين كرة القدم.

ماذا أضافت لك المسابقة غير الفوز باللقب؟
أضافت لي الكثير, كما أخذت مني, وأبرز ما أضافته هو فرصة الاحتكاك بكل شعراء العرب المهمين, وكل شاعر منهم يضيف بخبرته عقل إلى عقلك, ودنيا إلى دنياك, وحولني من شخص مجهول إلى نجم مجتمع, يعرفني الجميع, وتستضيفني القنوات والصحف, وحققت نوع من الجماهيرية إلى حد كبير غير الإضافة المادية, وهو ما يجعلني أطبع دواويني كما أريد وأخدم موهبتي بشكل جيد, وأخدم غيري من الشعراء, بالطبع من قبل الجائزة المادية كان لدي الاكتفاء المادي, ولكنها أضافت إليّ الشعور بالأمان المادي أيضًا.
إذا وأين الضرر؟
الشهرة لها ضريبتها, فهناك من يتربص بك, ويريد أن يصطاد أي خطأ لك, ويجعلك في حالة ترقب دائمة, وأفكر ’’يا ترى الضربة هتجيلي منين’’, والكثير من الأشياء التي لا أستطيع أن أقوم بها بعد الشهرة, غير أن الوقت لم يعد ملكي, ومجرد الدخول إلى صفحتي الشخصية على ’’فيسبوك’’ يُهدر ما يقرب من 4 ساعات في متابعة التعليقات والرسائل.

كيف أثرت مصادفة فوزك مع عزل الدكتور محمد مرسي على الإحتفاء باللقب؟
الظرف العصيب الذي مرت به مصر, أخذ مني اهتمام الجمهور المصري, فالدقيقة التي تسلمت فيها الجائزة, كانت الدقيقة التي أعلن فيها المشير عبد الفتاح السيسي, خارطة الطريق وعزل مرسي, وأنا شخصيًا كنت مشغول بما يحدث في مصر, وكنت أتمنى أن أتابعه, لكن كان لدي خيار آخر, وهو الإتكاء على مقدرتي في مغازلة لجنة التحكيم, ومعرفة ما يريدونه بالضبط حتى أقوم به, وذلك كي أحصل على بطاقة اللجنة, ولا أعتمد على تصويت الجماهير, التي أعلم أنها مشغولة عني, فقمت بالموازنة بين شاعريتي وكتابة النص الذي أرضى عنه, وفي نفس الوقت أراعي المقاييس التي تُرضي لجنة التحكيم.

ماذا أضافت لك الدراسة في الأزهر كـ ’’شاعر’’؟
بالتأكيد دراسة الأزهر تصقل موهبة الشاعر, ولكنها لا تصنع شاعرا من العدم, حيث الاستفادة من الناحية اللغوية والبلاغية, خاصة وأننا نحفظ القرآن الكريم كاملًا في المرحلة الإبتدائية, وهو ثروة لغوية وفكرية وعاطفية جبارة, ويعتبر كنز يتكئ عليه الشاعر.

وكيف رأيت وجهة نظر المجتمع لك بعد الفوز خاصة أنك أزهري؟
لأني من خارج الجماعة الثقافية التقليدية في مصر وبعيدا عن وزارة وقصور الثقافة, كما أني رجل أزهري, وريفي, لا يعلم أحد عني شئ, وكان اختراق أزهري للمشهد الشعري مفاجًئ لكثير من الناس, معتقدين أن الأزهري لا يستطيع أن يحب أو يتغزل.

ولماذا لم تكرم من وزارة الثقافة, أو جامعة الأزهر؟
جامعة الأزهر ’’ربنا يعينها على اللي هي فيه’’, وكانوا ينوون إقامة احتفال بي, ولكن الظروف لم تسمح بذلك.
أما وزارة الثقافة فلا أجد إلا ان أصفها بالإهمال معي, وللمفارقة, وزير الثقافة نفسه أستاذ معي في نفس الكلية, ومكتب القسم الذي يعمل به مقابل لمكتب القسم الخاص بي.

إلى من تتوجه بشعرك؟
أتوجه إلى من هم مثلي, فشعري لا هو متعالٍ عن الناس, ولا هو سطحي ولزج لدرجة انعدام الثقافة, فأنا واحد من أواسط الناس, ولا أزعم أني أحد كبار المثقفين في الوطن العربي, ولكني أزعم أنني مثقف مهم, رأيي له ثقله وله أهميته.
أحاول أن أراعي في شعري كافة المستويات, فأكتب القصيدة الحلمنتيشي الكوميدية, والشعر العامي, وشعر فصحى, والقصيدة التي تتوجه إلى القارئ النموذجي, ودائمًا ما أسعى أن يغطي ديواني تلك الشرائح.

حدثنا عن مشاركتك بفقرة ’’صالوان أمير الشعراء’’ الأسبوعية ببرنامج عز الشباب.
نختار كل أسبوع اثنين من الشعراء, وأحاول أن أقيمهم بشكل أكاديمي, بناءً على دراستي, بخلاف النصائح الإجتماعية كأخ أكبر لهم, ونحاول أن نمنحهم فرصة الظهور؛ ليعرفهم المشاهدون, ويتابعونهم.
ومعظم الشعراء الشباب يميلون إلى الكتابة بالعامية أكثر, وأتمنى أن يكون هناك توازن بين الاثنين, فلا تندثر الفصحى على حساب العامية أو العكس.
وقد يكون لجوءهم إلى العامية سببه ’’كلكعة’’ الفصحى في الفترة الماضية, فالشعراء كانوا مغرقون في الرمزية, ويُحمِلون شعرهم إشارات ليس للمتلقي علاقة بها, ولا يستطيع أن يفهمها أو يصل إليها, فكانوا كأنما يكتبون لبعض, مما جعل القراء ينصرفون عنهم, ويلجأون إلى الأسهل.

هل يمكن أن يؤدي هذا إلى اندثار شعر الفصحى؟
هذا مستحيل, ولكن من الممكن أن يؤدي انتشار الشعر العامي إلى تحجيم الفصحى, وهو أمر وارد بشدة, وهنا يأتي دور الدولة, والتركيز على الوعي, من خلال وزارة الثقافة, والتربية والتعليم, والإعلام, وتوضيح أهمية الحفاظ على قوميتنا وهويتنا, حتى يقدر الناس لغتهم القومية, فالعرب الأمة الوحيدة التي لا تحترم لغتها, ونشعر بالخجل إذا تحدثنا بلغتنا العربية, وكأنها لغة الجاهلية.

كيف تساهم طريقة الإلقاء في زيادة رواج الشعر؟
الإلقاء الجيد فن إضافي على فن الشعر, فالشاعر الذي يكتب جيدًا يختلف عن الشاعر الذي يؤدي بشكل متميز, والأبقى هو الشعر بالتأكيد, ولكن هذا لا يمنع أن يطور الشاعر من طريقة إلقائه, فهناك من تميزهم طريقة الإلقاء, مثل الشاعر هشام الجخ, الذي لا نًنكر تجربته في الإلقاء, على الرغم أن شعره ضعيف, ولا يمكن مقارنته بشعراء آخرين مثل أحمد بخيت, فالمسافة بينهما بعيدة تمامًا.

ما الذي ينقص الصعيد حتى تأخذ مواهبه الفرصة الكافية للظهور ؟
(أجاب مستنكرًا) ماذا يوجد في الصعيد أصلًا؟, الصعيد بالأساس بيئة طاردة, إذا كان الصعيد ’’فيه أكل عيش’’, وإذا كانت الدولة تهتم به, فما الذي يضطر الصعايدة إلى مغادرته, والبحث عن عمل في القاهرة, ’’هما غاويين غُربة!’’, فالمواطن البسيط هناك يسافر إلى القاهرة ويترك عائلته وأولاده لشهور كي يعود إليهم بـ 50 جنيه ’’الناس غلابة جدَا في الصعيد’’.
وفي الصعيد لا توجد رفاهية أن يطبع شاعر ديوان, أو أن يلقى اهتمام, ولا يجد فيه البسطاء رفاهية شراء بنطلون وقميص كي يظهر بهم على قناة, الناس مطحونة في الصعيد, هناك من هم تحت خط الفقر بخط فقر آخر.

وما الحل من وجهة نظرك لمواجهة مشكلات الصعيد الثقافية؟
الموضوع معقد للغاية, فوزارة الثقافة لا تستطيع أن تعمل بعيدًاعن باقي الوزارات, فأقصى ما يمكن أن تفعله هو قصر ثقافة وندوات, ولكن دورها وواجبها ليس بعيدًا عن دور الوزارات الآخرى, فلا توجد تنمية ثقافية منعزلة عن الجوانب الآخرى.
قبل أن أهتم بالمبدع كمبدع, يجب أن أهتم به كبني آدم, والشاب الذي أسعى أن أنميه كشاعر يجب أن ابني له منزلا وأوفر له وظيفة وعلاج, وأساعده على تكوين أسرة, وأمهد له طريق يسير عليه, ووسيلة مواصلات جيدة, وكل هذه أمور يجب أن تفكر فيها الدولة, وتسعى لتوفير الوسائل التي تجعله آدميًا قبل أن يكون شاعرًا.
وإذا تحسنت ظروف الصعيد الإقتصادية والإجتماعية, لن نكون في حاجة إلى قصور الثقافة, فالناس ستبدأ بالإهتمام بتطوير نفسها, وإحداث زخم ثقافي وحدها, ولكننا ندور في دائة مفرغة, وحكومات فاشلة تورث بعضها, ومتمسكين بالفشل وقابضين عليه, وكأننا نخشى أن نتخلص منه.

وهل تناول أحد أشعارك في مقالاته؟
كان أحد النقاد الدكتور محمد جاهين بدوي تحدث عن الدواوين, التي أصدرتها, وكتب مقال عن تأثير المرجعية القرآنية في شعر علاء جانب, مما يعني أن حفظنا للقرآن الكريم في صغرنا جعله أحد الروافد الثقافة والفكرية, وعندما يمتد نهر القصيدة يجب أن يأخذ من القرآن الكريم.

رؤيتك للأحداث السياسية التي تشهدها الساحة المصرية؟
الصورة ملتبسة الآن, فالأحكام متضاربة وثورة يناير كان جزء منها الإخوان مع الشعب, وثورة 30 كان جزء منها كارهي ثورة يناير أو الفلول مع الشعب أيضًا, ولهذا هناك التباس جعلنا لا نستطيع أن نصدر حكمًا صحيحًا, فهل يا ترى الإخوان جماعة إرهابية, أم التاريخ سيكتبه المنتصرون, أم أننا نريد أن نصنع منهم جماعة إرهابية الآن؟
بنسبة 80% الحكم ضد الأخوان, ولكن تظل هناك 20% تؤكد أنه هناك أناس كانوا يريدون لجماعة الإخوان أن تفشل, وهل يعقل أن أتباع مبارك سيتركون الحكم للإخوان أو للشعب.
وكما قلت أن الشعب كان مشارك في الثورتين, وشارك معه أصحاب المصالح سواء الإخوان أو الفلول, فأصحاب المصالح هؤلاء, هم من لهم المصلحة في الأعمال التي شهدتها جامعة الأزهر, الإخواني لأنه يريد استعادة مجده بعد أن وقف بهم التاريخ عند عزل مرسي, واحتمال أن يكون الفلول هم المتعمدون إعطاء انطباع أن الإخوان هم من يفعلون ذلك.

هل تؤيد فكرة أن الطلبة هم سبب الشغب؟
لسنا متأكدون هل من قام بهذه الأفعال طلبة الأزهر فعلًا أم لا, ’’إحنا شوفنا العجب في السنة دي’’, وما أعرفه أن طلبة الأزهر لم يكونوا عمرهم بهذا العنف, ويدخلوا الجامعة بالطبل والزمر, ويهينوا عميد الكلية, من يفعل ذلك لا يمت للأزهر بصلة, حتى وإن درس فيه ونحن لا نعلم من هؤلاء فلا أحد حقق مع هؤلاء الطلبة, عرف هويتهم ولكن أفعالهم كانت غير منطقية أو ثورية أو وطنية, لكن من هم ولصالح من يعملوا؟ لا نعرف.

الموضوع الأصلي من هنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق