الاثنين، 29 أغسطس 2016

مستشفيات جنوب الجيزة: إهمال.. سوء إدارة.. قلة نظافة




**أطباء التخدير والأشعة غير موجودين بأطفيح.. والمدير ينفي

الجيزة: هدير حسن
نشر بتاريخ 4 فبراير 2014

داخل أروقة المستشفيات الحكومية، ومع ما تلمسه بيديك وتراه بعينيك، لا تعلم أيهما المشكلة الرئيسية، هل هي الميزانية المخصصة لتلك المستشفيات، أم أنه سوء الإدارة. وبعد أن أعلنت وزارة الصحة عن نيتها افتتاح مستشفيات طوارئ جديدة بعدد من المدن من بينها (البدرشين، والعياط، وأطفيح)، بالإضافة إلى افتتاح مستشفى جديد بمدينة الصف، منتصف فبراير الجاري، قامت ‘‘المندرة’’ بجولة داخل تلك المستشفيات وخارجها، حيث الأهالي والمرضى، الأكثر احتكاكًا بها، والأجدر بتقييم ما تقدمه من خدمة.

بدأت الجولة من مستشفى البدرشين المركزي، حيث كان الأهالي قد عَبّروا منذ ما يقرب من سنة، وقت حادث القطار الذي كان يقل الجنود، عن احتجاجهم على ما تقدمه المستشفى من خدمة، واعتبروها دون المستوى، مما جعل إدارة المستشفى تعلن عن نيتها في تطوير الخدمة، وفتح مستشفى للطوارئ في فبراير من العام الماضي، وهو ما لم يحدث حتى الآن.

داخل جنبات مستشفى البدرشين، الأفضل حالًا من بين مستشفيات جنوب الجيزة، كانت لنا زيارة منذ عام مضى، حاولنا أن نقارنها بزيارتنا هذه المرة، التي كانت مختلفة، فالمستشفى المكونة من ثلاثة أدوار، كان الدور الثالث بها يحوي غرف وردهات مغلقة ومهجورة تراكمت عليها الأتربة واتخذتها القطط ملجأ لها، وخلا زيارتنا في الأسابيع الماضية، كانت إدارة المستشفى تعمل على تجديد تلك الغرف واستغلالها بشكل أفضل.

وقال الدكتور نصر توفيق، مدير مستشفى البدرشين، إنه تولى الإدارة في نوفمبر الماضي، وكانت أولى الخطوات التي اتخذها، استكمال بناء وتجهيز مستشفى الطوارئ، التي توقف العمل بها منذ سنتين في ظل وجود الإدارة القديمة، حسبما يؤكد، ‘‘لمّا بدأنا الشغل فيها كانت التشطيبات جاهزة خلال 10 أيام، وتم توريد الأجهزة في 3 أيام’’، على أن تقدم مستشفى الطوارئ الجديدة خدمة العناية المركزة لأول مرة بالبدرشين، وإجراء تحاليل وعمليات جراحية بشكل منفصل عن المستشفى المركزي.

وتحدث توفيق عن زيادة ميزانية المستشفى إلى أربعة أضعاف، واعتماد مديرية الصحة بالجيزة 590 ألف جنيه لصيانة الأجهزة ودعم الأدوية القابلة للزيادة، وأضاف أن الشكاوى القديمة حول المستشفى عولجت، وفيما يخص عدم وجود جهاز أشعة مقطعية، قال توفيق ‘‘إحنا مستشفى مركزي طبيعي ميكونش فيه جهاز زي ده، لكن مستشفى العياط فيها جهاز أشعة مقطعية، وكل ما نكلمهم عشان نبعت حالات محتاجة لهناك، يبلغونا أنه مفيش أطباء وفنيين مدربين للعمل عليه’’.

وقبل بدء جولتنا داخل مستشفى العياط المركزي، التي تقع على بعد 500 متر من محطة القطار، تقربنا أكثر من تجارب أهالي المدينة مع المستشفى، التي لم يعلم أحد أنها ستفتتح مبنى جديد للطوارئ، منتصف فبراير الجاري.

وكان أحد أهالي العياط، صاحب محل إكسسوارات وحُلي، أطلق على نفسه اسم ‘‘مواطن مظلوم’’، وقال بمجرد سؤاله عن المستشفى ‘‘دي مش مستشفى أصلًا، ومفيش أي رقابة عليها عشان بعيدة، ده في جهاز أشعة مقطعية مش شغال غير يوم واحد في الأسبوع’’، حيث رأى أنها تعاني من الإهمال، وأنه دومًا ما يلجأ إلى المستشفيات الخاصة إذا مرض أحد من أبنائه.

وقالت منى محمد، بائعة خضروات، إن الأطباء يعاملوهم بطريقة غير لائقة، ويتعالون عليهم، غير أنهم يطلبون منهم صرف الدواء من الخارج، مضيفة ‘‘مفيش تنظيم، ولا نظافة، والزبالة موجودة في كل مكان، وواحدة قريبتي راحت تعمل عملية لوز، قالولها روحي مستشفى الزهراء الخاص’’.

ومن الأطباء عانى أيضًا عبد العزيز أحمد، 65 سنة، الذي قال ‘‘أنا كان عندي بروستاتا، ولما روحت أعملها الدكتور قال لي تعالى لي العيادة، وهعملهالك، غير أن أي إشاعات مفيش، والمستشفى بتكون قافلة بالليل’’.

داخل المستشفى، التي تتكون من طابقين فقط، وتتميز باتساع مساحتها عرضًا، بدأنا جولتنا من الاستقبال إلى العيادات الخارجية، ولاحظنا أن القطط تتجول بحرية داخل المستشفى، دون حتى أن تجد من يطاردها أو يرفض وجودها.

أبرز الأقسام التي تلمح فيها الإهمال داخل المستشفى هما الولادة، والغسيل الكلوي، مثلها مثل أغلب مستشفيات جنوب الجيزة، كما أن التنقل بين جنبات المستشفى كان أمرًا سهلًا، حيث لا يوجد من يعترض طريقك، أو يسألك عما تفعل، لدرجة أنه يمكنك أن تدخل كافة أقسام المستشفى دون رقيب، كما أن أرضية المستشفى يعاني بعضها من عدم الاستواء، وكأنها تتهيأ للانشقاق.

خارج البوابة الرئيسية للمستشفى، لمحنا مبنى أفضل حالا، أكد العاملون أنه مبنى الطوارئ الجديد، المنتظر افتتاحه. وأكد الدكتور ممدوح الحسيني، مدير المستشفى، في رده على شكاوي الأهالي، أن جهاز الأشعة المقطعية يعمل بشكل مستمر، نافيًا ما قاله مدير مستشفى البدرشين عن عدم وجود فنيين وأطباء قادرين على التعامل مع الجهاز، وأوضح توافر الأطباء على مدى 24 ساعة، وأنهم يعملون في أي وقت، وتحدث عن قدرة المستشفى على إجراء الجراحات العامة والولادة، وعمليات العظام فقط.

مستشفى أطفيح المركزي، التي تعاني من الإهمال وانعدام النظافة، لدرجة تجعل المواطنين ينفرون منها ويهربون إلى المستشفيات الخاصة مرتفعة التكاليف، كانت عبارة عن مبنيين، أحدهما إداري، ولكنه يعمل مؤقتًا بالطوارئ والاستقبال لحين افتتاح مبنى الطوارئ الجديد، والمبنى الآخر مكون من ثلاثة طوابق، مخصص لجلسات الغسيل الكلوي، والعمليات الجراحية، ومبنى آخر منفصل مكون من طابق وحيد خاص بالعيادات الخارجية.

وداخل المبنى المخصص للعمليات الجراحية، كانت أبواب غرف العمليات من الخشب المتآكل، غير أن الأطفال يقفون أمامها، بكل أريحية، ودون اعتراض من أحد، لا الأطباء، ولا أهالي المرضى، مع إمكانية أن يخترق الأطفال تلك الغرف بسهولة، بخلاف الأسرّة منتهية الصلاحية، التي تستقبل المرضى.

الانتظار لمدة 30 دقيقة فقط بمدخل الطوارئ، أثناء الظهيرة، كشف عن الكثير مما يلاقيه المرضى، بمجرد دخولهم إلى المستشفى، فهذه أم كُسر ذراع ابنها مما يعني أنه يحتاج إلى الأشعة، ولكن ‘‘جهاز الأشعة لا يعمل الآن’’، والطبيب غير موجود، وهذا زوج برفقة زوجته، التي تعاني من إجهاض، وتحتاج إلى إجراء عملية بشكل عاجل، مما يعني أنها تحتاج إلى تخدير، ولكن طبيب التخدير أيضًا غير موجود، وتستقبل الجميع طبيبة واحدة فقط دون أي مساعد، اللهم إلا بعض الممرضات.

وقالت إحدى العاملات بالمستشفى ‘‘للأسف هي دي الإمكانيات المتاحة للمستشفى، والمدير مش بيقصّر’’، أما الدكتور محمد سليمان أحمد، مدير مستشفى أطفيح، فنفى غياب أي من الأطباء، وأوضح أن الطوارئ عادة ما يعمل بها أربعة أطباء، وأنه مع افتتاح المستشفى الجديد، ستتاح غرفة عمليات لاستقبال الحالات الطارئة، بالإضافة إلى أجهزة وإمكانيات أكبر.

وفي الصف، يُمكن وصف حال المستشفى المركزي بأنه الأسوأ، من بين مستشفيات جنوب الجيزة، فالمستشفى مكونة من ثلاثة مباني متصلة، كل منها يتكون من طابقين، وكل منها آيل للسقوط، وتملأ الشقوق جوانبه، وخلفهم يقبع المبنى الجديد للمستشفى، في انتظار الافتتاح.

كانت البداية مع مدخل الطوارئ والاستقبال، الذي تتفرع منه الغرف، التي لم تعرف من الأجهزة الحديثة والمعدات شيئًا، فأغلبها أجهزة مصنوعة من الخشب المتآكل المتهالك، ومنه إلى مبنى كان عبارة عن ‘‘مقلب قمامة’’، فقد اعتبره العاملون بالمستشفى مكانًا للتخلص من النفايات، بعد أن تم نقل المرضى والحالات إلى المبنى المجاور له، حيث غرف إقامة المرضى، والأسرّة المتهالكة.

وكان الدكتور مجدي رجب، رئيس المستشفى، رفض التصريح والحديث لـ ‘‘المندرة’’، عن أي مما يخص المستشفى. وأوضح أحمد زايد، مسئول حملة ‘‘الشباب لازم يتمكن’’ بالصف، وهي الحملة التي تهدف إلى الضغط على المؤسسات الحكومية من أجل تنمية المجتمع، أن بناء المستشفى الجديد للصف صدر به قرار منذ عام 2008، ولكنها كانت تتعرض دومًا للتأجيل، مرة بسبب البيروقراطية، ومرةً أخرى بسبب أحداث الثورة، حتى قام شباب الحملة في مدينة الصف بالضغط على إدارة المستشفى ووزارة الصحة من أجل إتمام بنائها وافتتاحها في أقرب وقت، حسبما يقول.

وأضاف زايد أن الوزارة وعدتهم بافتتاح المستشفى في منتصف مارس المقبل، مؤكدًا على حاجة مدينة الصف، وقراها، إلى المستشفى الجديد، خاصةً أنه لا توجد مستشفيات حكومية سواها، والمستشفيات الخاصة غير مجهزة.

قرار وزارة الصحة ببناء مستشفيات طوارئ، أمر أثبتت جولتنا أنه صائب، ولكنه يحتاج إلى مستشفيات على المستوى، فهل يساهم القرار في تغيير واقع تلك المستشفيات؟

الموضوع الأصلي من هنا.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق