الاثنين، 29 أغسطس 2016

“العزيزية” تفرح بدفن أبنائها العائدين من الفيوم


**الأهالي ينتشلون جثث ذويهم بمساعدة فرق خاصة.. والمحافظ: فرق الحماية المدنية معرفتش تخرجهم لوجود غازات سامة

البدرشين: هدير حسن
نشر بتاريخ 3 سبتمبر 2015

رغم الموت، استقبل أهالي قرية العزيزية جثمان عاشور عامر، 46 عامًا، وسلامة عمران، 33 عامًا، بالفرحة؛ فبعد مرور سبعة أيام بقيت فيها جثتا عاشور وسلامة بأعماق حفرة داخل منزل بقرية العجميين بالفيوم بصحبة جثث 4 آخرين، استطاع الأهالي، بجهود ذاتية، أن ينتشلوهما من عمق يصل إلى ما يقرب من 20 مترًا، منذ نحو عشرة أيام وتحديدا في 24 أغسطس.

القصة بدأت في الثامن عشر من أغسطس، حين أتت شقيق سلامة مكالمة هاتفية من “فاعل خير” يبلغه بوفاته، ذهبت على إثرها عائلات الضحيتين إلى الفيوم متشوقين للوداع الأخير قبل الدفن، ولكن إجراءات انتشال جثثهم من قاع الحفرة حالت دون ذلك، وقتها، انتشرت على المواقع الإليكترونية والإخبارية نبأ وفاة 6 أشخاص بالفيوم في أثناء تنقيبهم عن الآثار بأحد المنازل.

يقول حازم عامر، ابن عم عاشور، “هما كانوا فواعلية على باب الله، جالهم واحد وقالهم إنه عاوز يعمل صرف صحي لبيته في الفيوم من قبل رمضان بشهرين (تقريبًا شهر أبريل)، ووعدهم ياخدوا 150 جنيه في اليوم، ولما ماتوا عرفنا إن الموضوع آثار”، فسلامة وعاشور عمال تراحيل يقطنان بقرية العزيزية بالبدرشين، جنوب الجيزة، اضطرتهم الظروف المعيشية الصعبة، وقلة فرص العمل بقريتهم إلى قبول العمل بعيدًا عن قريتهم وأسرهم، لينتهى عمرهم في أثناء عملية الحفر من أثر انبعاثات غاز الميثان، دون أن يهنأوا بحق الدفن لسبعة أيام، بعد أن توقفت عمليات فرق الإنقاذ عن انتشال جثثهم.

طوال السبعة أيام، ظل ما يقرب من 100 فرد من أهالي قرية العزيزية بموقع الحادث في الفيوم ينتظرون خروج ذويهم، بينما تبلغهم الجهات الحكومية والرسمية بصعوبة تحقق ذلك، ففي اتصال هاتفي للمستشار وائل مكرم، محافظ الفيوم، ببرنامج “آخر النهار” على فضائية النهار، قال “محدش يقدر ينزل الحفرة، لأنه بيتم حفرها منذ أكثر من 8 شهور، وبقت حفرة عملاقة، واتصرف عليها أكثر من 900 ألف جنيه، ورجال الحماية المدنية مش قادرين ينزلوا حتى بأنبوبة الأكسجين، لأنه في غازات سامة هتعمل تفاعلات، وإذا ضغطنا عليهم بدل ما عندنا 6 متوفيين هيكونوا 16”.

وعن الساعات الأخيرة قبل انتشال الجثث قال أحد أقارب الضحايا، الذي فضل عدم ذكر اسمه، لـ “المندرة” إن الأمر تم بالجهود الذاتية بعيدًا عن مساعدة أو إشراف الحكومة، وقال “محافظة الفيوم معملتش أي خطوة، ولا كان معانا شرطة، ولا مسئولين” موضحًا أن الأهالي بدأت تمد يد المساعدة بعد انتشار قصة الجثث المنتظرة أسفل الحفرة على الإنترنت، وبالمجهودات الذاتية استطاع الأهالي أن يستأجروا فرقة إنقاذ خاصة قامت بانتشال الجثث، وقال “الحكومة كانت عاملة حسابها على ردم الحفرة، لكن إصرارنا إننا نروح بعيالنا خلى ربنا يوقف لنا ولاد الحلال وندفن أولادنا في قريتنا”، وأشار إلى وقوع 3 حوادث مشابهة بنفس القرية انتهت بردم الحفرة، وعدم لجوء الحكومة، ممثلة في المحافظة إلى محاولة انتشال الجثث.

عمق الحفرة، وفق حديث الأهالي، يصل إلى 20 مترًا، بينما أكد محافظ الفيوم في تصريحه التلفزيوني أنه وصل إلى 40 مترًا، وتكلفت عملية استخراج الجثث 20 ألف جنيه، وفق أحد أهالي القرية، وفي محاولة لـ “المندرة” التواصل هاتفيًا مع محافظ الفيوم حول عدم قدرة المحافظة أو قوات الحماية المدنية على استخراج الجثث في حين استطاعت فرق الإنقاذ الخاصة القيام بذلك، لم يستجب المحافظ، حيث يقول حازم إن فرق الإنقاذ لم تكن تقم بواجبها على أكمل وجه “الغواص كان بينزل 3 أو 4 متر ويطلع يقول مش هينفع يخرجوا، لدرجة إننا حسينا إنه الموضوع فيه لغز كبير”.

شعر أقارب الضحايا بالفرحة بعد تلقي العزاء ودفن الضحايا، فقال أحدهم “رغم إنهم ماتوا، لكن إحنا في عيد لإنهم رجعوا وعرفنا ندفنهم، وخدنا عزاهم، عشان منسمعش حد يطلع إشاعات ويقول غنهم ماتوا مقتولين ولا مدبوحين”، وكان سلامة عمران، أب لثلاث بنات أكبرهن 8 سنوات، وأصغرهن سنتين، بيما عاشور له ولدين متزوجين.

الموضوع الأصلي هنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق