الاثنين، 29 أغسطس 2016

‘‘منف’’.. وما زالت السرقة مستمرة لأقدم عاصمة في تاريخ مصر القديمة


البدرشين: هدير حسن
نشر بتاريخ 17 نوفمبر 2013

عندما تصل لأقدم عاصمة في تاريخ مصر القديمة، تقول ها أنا هنا.. ‘‘هنا منف’’ أو ’’ممفيس’’، التي بناها الملك مينا عام 3200 قبل الميلاد، في قرية ميت رهينة بالبدرشين، جنوب الجيزة، حيث الآثار والمتاحف تحكي تاريخ حضارتنا الفرعونية، التي يبدو أننا لم نحافظ عليها كما يجب.

بقرية ميت رهينة، حيث يوجد متحف يحمل نفس اسم القرية، يجاوره معابد رمسيس الثاني، والإله بتاح، والعجل أبيس، ومقصورة الملك سيتي، ومعبد التحنيط، ومعبد حتحور، ومتحف رمسيس الصغير، والمتحف والمعابد جميعها مكشوفة، ومحاطة بالمباني السكنية، التي تبدو وكأنها مستعدة أن تُجهِز عليهم في أية لحظة.

وكان العالم الفرنسي مارييت، هو الذي اكتشف منطقة آثار ميت رهينة، عام 1851، حيث كان عاشقاً للآثار المصرية، وهَمّ على التنقيب عنها منذ مجيئه إلى مصر عام 1850، وأثناء البحث استطاع أن يكتشف وجود مدينة كاملة تحت رمال جنوب الجيزة، خاصة بمنطقتي سقارة، وميت رهينة.

ويحتوي متحف ميت رهينة ما يقرب من 200 قطعة أثرية، أبرزها تمثال ضخم للملك رمسيس الثاني من الحجر الجيري، مرتديًا تاج الوجه البحري، ويزن حوالي 80 طنًا، ويصل طوله إلى 15 مترًا، كُسر منها ثلاثة أمتار أثناء عملية التنقيب عنه، بالإضافة إلى عدد من التماثيل مختلفة الحجم لرمسيس الثاني أيضا، مع تمثال من الألبستر لأبي الهول، وبعض التماثيل الأخرى، التي لا تظهر ملامحها بسبب ما تعرضت له من تآكل في بعض الأجزاء.

وخارج المتحف، تجد على اليمين واليسار سورا حديديا غير مكتمل، يحوط مساحة من الحشائش (الهيش)، التي تنمو تلقائيا، ولكنك تكتشف أن هذه الأسوار تحوط عددا من المتاحف المكشوفة، التي كان اكتشافها بالصدفة، كما أكد لنا أحمد جبر، مدير متحف ميت رهينة، وذلك في أواخر الستينيات، والتي تغطيها تلك الحشائش، التي لم يجد المسئولون، إلى الآن، الوسيلة المُثلى للتخلص منها.

ومن معبد الإله حتحور، رمز الجمال عند المصريين، والذي يقع على مسافة أقل من مستوى الأرض، وأكلت بعض أجزاءه المياه الجوفية، إلى مقصورة سيتي الأول، التي سُرق منها تماثيل للآلهة منفرت، وسيس متورت، وبتاح، ثم إلى معبد رمسيس الثاني، ومنه إلى معبد العجل أبيس. التنقل بين هذه الأماكن، لم يكن سهلاً، رغم قربهم من بعضهم البعض، إلا أن المساحة الموجودة بها هذه المعابد الأثرية، غير مؤهلة أو مهيئة، لزيارة أي أحد، ولا يلاحظ أحد وجودهم بالأساس، بخلاف العاملين بالمتحف والأثريين، لذا فإن أغلب الأفواج السياحية لا تزور هذه المتاحف.

الحشائش التلقائية تعيق رؤيتك، وتقلل من إعجابك بهذه المعابد، التي تعد في حقيقتها كنزا أغفلته الدولة وتركته للأيادي العابثة، سواء سارقة أو مشوِهة، فأصبحت المعابد والقطع الأثرية بها، إما مشوهة، وفاقدة لأجزاء منها، أو محفور تحتها، بيد أحد من هؤلاء الباحثين عن قطعة أثرية، يعتقد أن بيعها قد يحقق له المكسب السريع.

أحمد جبر، مدير المتحف، أكد انه يعاني مما أسماه ’’تعود الأهالي’’، حيث يعتقد أن البعض تعود أن يحفر ويبيع، بكل أريحية، قبل أن يُصدر السادات قانون منع تجارة الآثار، والذي لم يردعهم، كما أن السور الذي قررت الدولة أن تحيط به المنطقة لم يكتمل بناءه.

وتمر الأيام، وتمر أخبار سرقة قطع أثرية من ميت رهينة، مرور الكرام، على المسئولين، قبل القراء، ويتحول الأمر إلى روتين يومي، لا يُحَل بعودة القطع المسروقة وحسب، وإنما يحتاج إلى دولة قوية تستطيع أن تحمي هذه الأثار، وتمنع سرقتها، حتى لا نستيقظ على كارثة ضياع ماضينا في غفلة من الجميع.

الموضوع الأصلي من هنا.







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق