الأحد، 28 أغسطس 2016

“الجهود الذاتية”.. تبني مستشفيات وتحفظ الأمن .. والدولة غائبة


البدرشين: هدير حسن
نشر بتاريخ 21 أغسطس 2013

مستشفى، مدرسة، شبكة صرف صحي، طريق ممهد، أمن، احتياجات قد يفتقدها أي منا ويتمنى أن تنتبه لها الدولة، بينما يقرر البعض الآخر أن يوفرها لنفسه، من المساهمة في بناء شبكة صرف صحي في قرية مسجد موسى بأطفيح، وجمع التبرعات لبناء مستشفى للغسيل الكلوي بقرية سقارة بالبدرشين، واللجان الشعبية، التي تحل محل الشرطة والمرور في حفظ الأمن وتسهيل الكثير من الخدمات على المواطنين بمدينة البدرشين.

وهكذا، كلما رأى المواطنون أن الدولة تتقاعس عن متطلباتهم، فضلوا أن يوفروها بـ “الجهود الذاتية”، في ظل دولة مغيبة، أو غائبة عمداً ولكن إلى متى؟ هل ستظل مجهودات المواطنين تقوم بدور الدولة في توفير المتطلبات الأساسية للحياة؟ وكيف يؤثر ذلك على دور الحكومة في المستقبل؟ وهل سيغير من طريقة تعامل المواطنين معها؟

تعتبر اللجان الشعبية التي تكونت مع ثورة 25 يناير، أحد أشكال اعتماد المواطنين على أنفسهم وعلى “الجهود الذاتية”، قال عنها صلاح الجعودي، أحد أعضاء اللجان الشعبية بالبدرشين، “إحنا عملنا اللجان الشعبية عشان نمشي حال البلد، لأن من بعد الثورة مفيش أمن ومفيش خدمات كتير، وكان هدفنا كعائلات البدرشين أننا نمنع أي تخريب ونعمل مشروعات تخدم الناس”، وتتكون اللجان الشعبية من عائلات البدرشين، التي تساهم بأموالها، وتوظف ما يقرب من 25 فرد أمن يقومون برفع الإشغالات ومعاونة مجلس المدينة وقسم الشرطة في تنظيم المرور، وفي توزيع إسطوانات البوتاجاز، وتسهيل حركة فتح وغلق مزلقانات السكة الحديد بالمدينة وغيرها من المساهمات.

وأضاف الجعودي “إحنا مش بنستنى الحكومة علشان إجراءاتها طويلة، وأي مشروع عاوزين نعمله نقدم بيه مذكرة لمجلس المدينة ونبدأ في تنفيذه علي طول”، كما أكد على تعاونهم واجتماعهم الدائم بمحافظ الجيزة، للتشاور حول أزمات المدينة وعرض سبل لحلها.

ومن جانبه، أوضح اللواء أحمد عبد الرحيم، رئيس مدينة البدرشين، “اللجان الشعبية مجموعة من أهالي وعائلات البلد قررت تساعد الجهات الحكومية في رفع الاشغالات وتنظيم المرور، إنما كل ما هو تنفيذي يخص مجلس المدينة فقط”، وأكد أن وجود اللجان الشعبية منع العديد من المشكلات سواء في المدينة أو القرى، ” أنا عندي قرى في عز أزمة البوتاجاز بـ 6 جنيه، والبدرشين هنا كان فيها 50 نقطة توزيع بيشرف عليها اللجان الشعبية، وده لأنهم بيبعدوا انتماءاتهم السياسية عن مساعدة الأهالي، والأحزاب بتذوب في العائلات”، وفيما يخص الدور الذي تقوم به اللجان الشعبية، وهو الدور المنوط بالجهات الحكومية أن تقوم به، قال عبد الرحيم “الأمور هتبدأ تأخد الوضع الطبيعي مع عودة المجالس المحلية، ومش هنحتاج اللجان الشعبية بعد كده”.

ويعتبر حزب الحرية والعدالة بالبدرشين، أكثر الأحزاب التي كانت تساند وتدعم اللجان الشعبية في تحقيقها خدمات للمواطنين دون انتظار للحكومة، ولكن من وجهة النظر السياسية إلى متى يمكن أن تستمر الجهود الذاتية في القيام بدور الحكومات.

الدكتور إسلام عيد، أمين وحدة حزب الحرية والعدالة بمدينة البدرشين، قال “من بعد الثورة ومفيش دولة، والناس مضطرة تعتمد على نفسها، واللجان الشعبية هدفها رفع السلبية عن المواطنين”، وأضاف أنها لن تستطيع أن تأخذ دور الدولة، فهي لن تضاهيها في إمكانياتها، لأنه مهما كان ما تقوم به، سيظل بسيط أمام إمكانيات ودور الدولة، ولكنه يرى فيها وسيلة لمساهمة المواطنين في الدفاع عن ممتلكاتهم العامة والحفاظ عليها.

وفضل محمد شورى، مسئول الإتصال الجماهيري بحزب مصر القوية بالبدرشين، ألا تستمر اللجان الشعبية لأنها غير قانونية، ولكن ثقة الأهالي بالقائمين عليها جعلها تستمر، وأضاف “الناس لو استنت الجهات الحكومية البلد هتضيع، لازم نعمل وقفات ونضغط، ومفيش حل تاني غير الاعتماد على نفسنا وعلى بعض عشان نستمر”.

وكان لمحمد الدالي، مسئول التواصل بحزب الدستور بالبدرشين، رأي آخر، حيث تمنى أن ينتهي دور اللجان الشعبية في أقرب وقت، قائلاً “إحنا عاوزين الدولة هي اللي تقوم بدورها، وإن الشرطة هي اللي تنظم المرور، وأي طلبات أو خدمات يقدمها مجلس المدينة مش حد تاني”.

وللمواطنين أراء بعيدة عن السياسة، حيث قال جميل سعداوي، بائع خضراوات، “أنا عاوز يبقى فيه مجلس شعب وشورى ومجالس محلية هي اللي تعمل دورها وتشتغل، لأن الحكومة مطنشة من زمان، ده في بلاد لغاية دلوقتي مفيهاش مياه حلوة”.

وأضاف على حديثه محمد عليوة، أحد أهالي البدرشين، “اللجان الشعبية بتساعدنا في حاجات كتير خصوصاً إننا نعرف لو في غريب من بره البلد، وأكمل “لكن أنا شايف أن الناس المفروض أنها تستنى الحكومة عشان عندها أولويات، لأننا لو عملنا حاجة من غير موافقتها ممكن تهدها وترجع تعملها من الأول، ومهما غابت هترجع وتمسك البلد تاني”.

وما بين الرافض لقيام المواطني بدور الحكومة، وما بين من يرى فيها تسيير لأمور قد تطول إجراءاتها، تظل مدن وقرى كثيرة مهملة ولكنها تحيى بـ “الجهود الذاتية”.

الموضوع الأصلي من هنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق