الاثنين، 29 أغسطس 2016

"الشيخ عاطف".. رجل الشارع الذي اجتاحته الأمراض ورفضته المستشفيات


الصف: هدير حسن
نشر بتاريخ 22 فبراير 2014

نمر بهم متجاهلين وجودهم، الشوارع بيوتهم، ولا يملكون غيرها، لا أهل لهم، ولا قريب يسأل عنهم، ملابسهم المتسخة تُشعر بعض المارة بالاشمئزاز، أغلبهم لا يملك القدرة على الكلام، ولا يعرف كيف يعبر عما يريده سوى بصوتٍ عالٍ، وكلمات غير مفهومة.

بعد أن نعتاد وجودهم في أحيائنا لسنوات، فجأة يختفون، ولا نعلم أين ذهبوا. ‘‘عاطف’’، أو كما يلقبه أهالي مدينة الصف، جنوب الجيزة، الشيخ عاطف، أحد هؤلاء الهائمين في الشوارع، يقطن داخل ‘‘عِشَّة’’ صغيرة بأحد شوارع المدينة، متأخر عقليًا، ولا يستطيع الكلام.

لاحظ الأهالي أنه يمكث داخل عشته لأيام ولا يخرج منها، بعد أن كان دومًا يشير للمارة برغبته في سيجارة أو اثنين، ويهاجم أي شخص يحاول القرب منه، حيث لم يعتادوا على هذا الهدوء منه قبل ذلك، وتسرب الشك إليهم، واعتقدوا أنه مات.

قام الأهالي بنقل عاطف إلى مستشفى الصف المركزي، بعد أن دخلوا عليه عشّته ووجدوه في حالة إغماء، وكان ذلك يوم الأربعاء، الخامس من فبراير الحالي، لكن لم تقدم له المستشفى ما يسعفه، فحالته متأخرة ويحتاج إلى إمكانيات أكبر لا تملكها، فطلب الأهالي الإسعاف لتحويله إلى مستشفى قصر العيني.

ويحكي مصطفى عبد الرسول، أحد أهالي المدينة، وأحد المهتمين بحالة عاطف، كيف ذهبوا إلى مستشفى قصر العيني ورفضت دخوله، ومنها إلى ‘‘أحمد جلال’’، التي رفضت استقباله أو إسعافه، وهكذا فعلت مستشفيات المنيرة، والحسين الجامعي، ليعودوا به مرةً أخرى إلى مستشفى الصف، التي حاولت أن تقدم ما لديها من إمكانيات تساعد حالته، فعلقوا له المحاليل، مما ساهم، إلى حدٍ ما، في استعادة وعيه، وبقي بها حتى الآن.

يعاني “عاطف” من التهاب رخوي حاد بالقدمين والظهر، بخلاف خمول الكبد، ولأن “عاطف”، الذي قد يكون هذا ليس اسمه الحقيقي، مرت عليه السنوات، وهو يرتدي نفس الملابس دون أن يغيرها، وكان البنطلون الذي يرتديه، قد انفصل “استكه” واخترق جسده بعمق 5 سنتيمرات، مما أحدث شبه انفصال لجزئه السفلي عن العلوي.

حاول مصطفى وأهالي المدينة أن ينقلوا عاطف إلى مستشفى المدينة المنورة الخاصة بأطفيح، ولكنها رفضت أيضًا، وأكدت أن حالته تحتاج إلى عزل. يشعر مصطفى بالأسف تجاهه، ويقول ‘‘عاطف كان جسمه مليان، مكنش رفيع كده أبدًا، وكان دايما يهيج على أي حد يحاول يقرب منه، ومعنى سكوته وهدوءه كده إنه خلاص بيموت’’.

يحتاج عاطف إلى أدوية لا توجد بمستشفى الصف، ولا حتى بالمدينة كلها، وجلبها يحتاج إلى السفر للقاهرة، غير أن سعرها مرتفع، يفوق أحيانًا ما يساهم به أهالي المدينة، لذا يتمنى المشفقون منهم على حالة عاطف، وعلى رأسهم مصطفى، أن يساهم أحد في التكاليف.

الموضوع الأصلي من هنا.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق