الاثنين، 29 أغسطس 2016

عبارات الحوامدية والبدرشين تفتقد الصيانة والآمان




**معدية الحوامدية.. حكومية بتسعيرة موحدة
**الركاب: المعديات الأرخص والأسهل وينقصها الأمان
**معدية البدرشين..تعديات على نهر النيل وتسعيرة مرتفعة

جنوب الجيزة: هدير حسن خليل
نشر بتاريخ 2 أبريل 2014

أقل من 15 دقيقة كفيلة أن تنقلك من البر الشرقي إلى البر الغربي للنيل، وأنت على متن أرخص وسائل المواصلات، تلك “المعدية” التي دومًا ما يُشاع عنها أنها راعية رسمية للحوادث، خلال هذه الدقائق المعدودة يكتم بعض الركاب أنفاسهم خوفًا من مصير مجهول، والبعض الآخر يقف على حافة المعدية بجرأة دون مبالاة.

تظهر في كل مدينة حاجة الأهالي بطول نهر النيل إلى “معدية” تنقلهم إلى الضفة الآخرى، توفيرًا للوقت، والمجهود، وأغلب هذه المعديات مملوكة للأهالي، والقليل منها تشرف عليه الحكومة.

وتعد عبارة الحوامدية هي العبارة الحكومية الوحيدة، ووسيلة للحد من التكدس المروري الذي كاد أن يعصف بكوبري التبين- المرازيق، بخلاف أنها وسيلة مواصلات رخيصة.

معدية الحومدية الحكومية
ولكي تنتقل بمعدية “الحوامدية” جنوب الجيزة، إلى “المعصرة” قرب حلوان التابعة لمجلس مدينة الحوامدية، فعليك أولا أن تتفادى تكدس “التكاتك” بمدخل المعدية، والتي اتخذت من أمام مرسى المعدية مستقرا لتحميل الركاب العائدين.
أفضل ما يمكن وصفه في تلك المعدية، أنك بمجرد مرورك ببوابة الدخول يستوقفك بائع التذاكر لتدفع 25 قرشًا فقط مقابل الفرد الواحد.

منذ عام 1988، اتبع أصحاب المعديات نظام التبادل، أي أن تتبادل عبارتان للعمل بالتناوب ذهابا وإيابا، وحتى اليوم مازال هذا النظام قائما.

تبدأ العبارتان بالعمل، يوميًا، مع دقات الساعة السادسة صباحًا، وآخر رحلاتها تتم في تمام الحادية عشر مساءً، وطوال هذه المدة يرتاد المعدية صنوف عديدة من البشر، لهم مآرب مختلفة، وكانت هي وسيلتهم الوحيدة، ويجاورهم الباعة الجائلين، والسيارات بمختلف أنواعها وأغراضها، بدءًا من النقل إلى الملاكي حتى “التوك توك”، والموتوسيكل، حيث تنقسم المعدية إلى مقاعد مخصصة للركاب، وساحة للسيارات، يفصل بينهما سور حديدي مفرغ، يبلغ طوله متر تقريبًا، هذا بخلاف الحجرة المرتفعة عن سطح المعدية، والخاصة بالقيادة.

حل لأزمة المرور
تجولت “المندرة” بين ركاب معدية (الحوامدية -المعصرة)، حيث وقفت “أم سلامة” احدى سكان العياط في انتظار ركوب المعدية التي تعتبرها وسيلة مواصلات أسهل وأسرع كثيرًا عن السيارات والميكروباص.
يقول حسن مهدي، سائق سيارة نصف نقل، أنه قادم من مدينة البدرشين، حاملًا سلع وبضائع إلى المعادي، والمعدية الوسيلة الأفضل لذلك، بدلًا من ارتياد كوبري التبين- المرازيق، الذي يبُعد مسافة طويلة عن مبتغاه، متمنيا وجود كوبري يربط بين المنطقتين للتستر على الركاب.

أما “ن.هـ” مندوبة مستلزمات طبية، أكدت أنها تستخدم العبارة منذ عام ونصف لتنقلها من المعصرة إلى الحوامدية، حيث مقر عملها، مؤكدة أن المعدية توفر وقت ومجهود كبيرين، إلا أن مشكلة العبارة أنها وسيلة نقل للبشر إلى جانب السيارات مما قد يتسبب في توتر الركاب من أن تنزلق إحدى السيارات.

أما محمد رمضان فيُفضل ركوب المعدية في طريقه لشراء بعض المستلزمات التي تخص محل عمله، مؤكدًا أن تعطل سيارة على كوبري التبين- المرازيق، كفيل بتوقف الطريق لساعات، في حين أن المعدية توفر كثير من الوقت.

الأرزاق على الله
ولأن ظاهرة الباعة الجائلين تفشت في جميع وسائل المواصلات، استوقف حديث أم سلامة، طفل لا يتعدى التسع سنوات من عمره، ليعرض بضاعته على الركاب متحدثا بكلمات غير واضحة وصوت مرتفع.

وأكد الطفل “حامد” أنه يأتي من المنيب إلى الحوامدية ليبيع “الفول السوداني” في المعدية حتى بعد أن يعود من مدرسته التي لا يعلم في أي مرحلة يدرس فيها، وبكلمات تحمل الفخر قال “أنا ببيع من عرقي أحسن ما أشحت، عشان أبويا مش موجود، وأمي عاوزه مصاريف”.

ويصعد العبارة العديد من الباعة الجائلين بخلاف حامد، أغلبهم أطفال، يبيعون المناديل الورقية، والحلوى، وغيرها من السلع.

الحاجة للصيانة الشاملة
كان للعاملين بالعبارة وجهة نظر أخرى، حيث أشار فتحي سيد مساعد ميكانيكي بالمعدية، أن العبارات لا تتوافر بها إمكانات الأمن اللازمة، وتحتاج إلى صيانة شاملة، وحل مشكلة الباعة الجائلين والمتسولين الذين لا تخلو منهم أية عبارة.

وأضاف سيد أن مجلس المدينة عندما يرسل الصيانة للمعدية، لا تتم بالشكل المطلوب فتبقى المشكلة قائمة دون تغيير، بالإضافة إلى أن المجلس قد يستغرق مدة طويلة في دراسة طلب الصيانة نفسه، منوها أنه طالب كثيرا بتوفير الأمن بوجود نقطة شرطة داخل مرسى المعدية من قسمي حلوان والحوامدية، ولكن لم يجد ردا.

أما عجمي كمال الدين، سائق العبارة، أو كما يُطلقون عليه “الريس”، يجلس داخل حجرة القيادة، تحدث لـ “المندرة” عن 27 عامًا قضاها في المعدية، وعن تكدسها في ساعات الصباح الأولى من السابعة إلى التاسعة، أوقات ذهاب العمال والموظفين إلى أعمالهم.

ويؤكد أن العبارة تستطيع أن تحمل 150 راكبا، و120 طنا، أي 15 سيارة، رافضا فكرة إنشاء كوبري بين المدينتين معتبرًا المعدية أحد مصادر الدخل للكثيرين، مشيرا إلى وجود أعمال بلطجة تمارس ضد المعديات.

ومن جانبه، نوه المهندس شعبان عثمان، مسئول صيانة العبارة، إلى وجود صيانة دورية على العبارتين كل يوم جمعة، بالإضافة إلى الصيانات الطارئة، موضحًا أن 90% من المعديات الموجودة بطول النيل يمتلكها أهالي.

محمد زغلول، مدير عام مشروع العبارة بالحوامدية، يؤكد أن العبارة تتوفر بها وسائل الأمان، وأنها فقط تحتاج إلى نقطة شرطة ثابتة شرقًا وغربًا، إلا أنه لم يأتِ الرد على هذا الطلب إلى الآن، حيث أن العبارة تعاني من ازدحام مرسى رغم وجود مواقف خاصة بوسائل المواصلات الأخرى.

وعن تسعيرة الركوب، أوضح زغلول أن التسعيرة للفرد 25 قرشًا، وللتوك وتوك 1.5 جنيه، وللموتوسيكل 2 جنيه، وربع النقل فارغ 2 جنيه، وإذا كان محملًا 2.5، والسيارة الملاكي 2.5، والسيارة نصف النقل 5 جنيهات، 6 جنيهات إذا كان بها حمولة، وللسيارة النقل الكبيرة 10 جنيهات، وتستهلك العبارتين 700 لتر سولار يوميًا، و400 كيلو زيت شهريًا للمكن والأجهزة.

معدية البدرشين.. ردم للنيل
أما معدية البدرشين المملوكة لـ “سعيد المتناوي” التابع لأحد عائلات البدرشين، كان الوضع فيها مغايرا تمامًا، فلا توجد بوابة للدخول أو تذاكر للركاب، وتصل بين مدينتي البدرشين وحلوان.

أول ما تلاحظه أثناء انتظار وصول العبارة هو عملية ردم النيل بالطوب الأحمر بشكل يومي يوثقها وجود كومة متوسطة الطول من الطوب الأحمر، كما أن انتظار وصول العبارة قد يتخطى الـ 20 دقيقة.

توجد عبارة واحدة، وتوجد رقابة من الملاحة النهرية عليها بشكل يومي لصيانتها، وتعمل منذ 10 سنوات من السادسة صباحًا وحتى العاشرة مساءً، كما يؤكد صاحبها، وتستطيع أن تحمل من 50 إلى 100 فرد، وما يقرب من 20 سيارة.

تختلط مقاعد الركاب بساحة وقوف السيارات داخل العبارة، حيث لا فاصل بينهما، ويقوم أحد العاملين بالمرور على الركاب، فور تحرك العبارة، ليجمع أجرة الركوب، وهي 50 قرشًا، والتي تتفاوت من قبل ناقلي السيارات والتوك توك، ويتركها صاحب العبارة غير موحدة على ألا تقل عن 2 جنيه.

“أم أحمد”، بائعة مناديل بالعبارة منذ 3 سنوات، أكدت أنها عملت قبلها بمعدية الحوامدية لمدة 5 سنوات، ولكن كان الباعة الآخرين يضايقونها فلجأت إلى العمل بمعدية البدرشين.

قال محمود المتناوي إن ترخيص الملاحة البحرية هو ما يهم أصحاب العبارة، وأنهم يعتبرون العبارة آمنة أكثر من وسائل النقل البرية الأخرى.

وتركب أم ندى معدية البدرشين على فترات طويلة، وترى فيها “مواصلة مريحة وكويسة، كأنها فسحة”، بينما يستخدمها عبد التواب محمود يوميًا، في ذهابه لعمله في البدرشين، وبالنسبة له هي الوسيلة الأنسب.

وتشعر صبيحة عبد الرؤوف بالقلق من عمليات ردم النيل، مؤكدة أنها تلاحظ تعدي تلك العمليات وتقليصها لنهر النيل، وتضيف مازحة “لغاية ما هيردموا المساحة اللي بين الضفتين وناخدها إحنا مشي بقى”.

الموضوع الأصلي من هنا.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق