الاثنين، 29 أغسطس 2016

قرية دهشور: حرمان من المياه.. مصرف يقتل الأطفال.. مسئولون يوعدون


**متضررة بالقرية: دي مش عيشة والله ده رعب
**مصرف طوله 500 مترا يخترق القرية ويقتل 4 أطفالا

البدرشين: هدير حسن خليل
نشر بتاريخ 17 يونيو 2014

تتبدل أحوال السياسة ويتغير المسئولون وتمر 3 سنوات على ثورة يناير التي نادت بالكرامة والعدالة الاجتماعية شهدت مصر خلالهم تغيير للحكومات والمسئولين ولكن ظلت أحوال الناس البسيطة وهمومهم ومشكلاتهم كما هي في حالة بائسة. وحال أهالي قرية دهشور لم يتغير منذ سنوات طويلة حتى بعد وعود لا تنتهي ولم تُنفذ فأهالي القرية يعانون من الحرمان من الحقوق الآدمية البسيطة لأغلب الناس ومثلهم في ذلك مثل الكثير من أهالي قرى مصر.

وفي جولة لـ “المندرة” داخل القرية كانت المشكلات تنطق بذاتها ولا تحتاج إلى سؤال أو استفسار، فالقرية التي يقطنها ما يقرب من 50 ألف مواطنا محرومة من وصول مياه الشرب النظيفة إليها، ويضطر أهلها إلى انتظار الساعات القليلة التي تتاح فيها المياه خلال اليوم كما يعانون من فقدان أطفالهم في مصرف يخترق الكتلة السكنية وغيرها من المشكلات التي تهاجمهم يوميا.

تحلم بمياه نظيفة
هدية عبد السميع، متزوجة وتعمل بإحدى الجمعيات بالقرية، تبدأ يومها بالبحث عن مياه نظيفة بدلًا من المياه المنقطعة التي لا تزور منزلها سوى ساعتين فقط باليوم، وأحيانًا لا تأتي عدة أيام متواصلة، وتقول: “مفيش ميه في الحنفية، الميه من الطرومبة بس، ومش بتيجي إلا بالموتور، وكمان مينفعش نشرب منها أو نعمل الأكل”.

وتلجأ هدية وغيرها من أهالي القرية إلى شراء المياه من إحدى محطات التحلية التي تبرع بها المقتدرون ولكن شراء المياه ليس بالأمر الهين عليهم ماديا. وتقول إيمان سمير، إحدى أهالي القرية: “احنا بنقف طوابير بالساعات عشان نشتري بـ 5 جنيه مياه، ومش بيكفونا كام يوم”، وذلك بخلاف ما يحدث في هذه الطوابير من ازدحام وتعارك بين الواقفين للحاق بالمياه قبل أن تنفد.

ونضوب المياه بمحطة التحلية أمر كثير الحدوث وهو ما يضطر الأهالي إلى اللجوء إلى جيرانهم ممن تأتيهم المياه باستخدام الموتور ويجعلهم واقعين تحت رحمتهم، غير أن هناك من الأهالي من ليست لديهم القدرة على شراء المياه فيكون الحل أن يشربوا من مياه “الطرمبة” المالحة التي تتسبب في كثير من الأمراض حيث حلل بعضهم المياه التي تصل للبيوت ووجدوا أن نسبة الأملاح بها تعدت الـ 200% مما قد يؤدي إلى أمراض الفشل الكلوي والكبد المنتشرة بالقرية.

وانقطاع المياه لم يتوقف عند هذا الحد، فاستعمال الموتور من أجل الحصول على المياه هو أمل يقضي عليه انقطاع الكهرباء الذي يستمر يوميًا من العاشرة صباحًا وحتى صلاة العصر، وتقول هدية: “لما الكهربا بتقطع بيبقى لا نور ولا ميه”، وتؤكد أن القرية بها مناطق لا ترى النور والمياه، ولا يوجد بها حتى وصلات المياه والصرف، حسب وصفها.

مقبرة الأطفال
وعدم وجود صرف صحي في القرية جعل الأهالي تستخدم “الطرنشات” التي تقوم عربيات الكسح بإزالتها وإلقائها في المصرف الذي يمتد طوله لما يقرب من 500 مترا ويخترق الكتلة السكانية بالقرية ويتسبب في موت الأطفال.

ومع نهاية شهر إبريل الماضي، لقي الطفل أحمد سامي مصرعه بالوقوع في المصرف ولم يعرف أهله وقتها مكانه وظلوا يبحثون عنه لمدة 4 أيام. ويقول عمه محمد ياسين: “في ناس كتير استغلت الموضوع وبقت تتصل بينا ويقولوا إنهم خطفوا الولد ويطلبوا فدية لغاية ما جبنا حفار من مجلس المدينة ودورنا في المصرف ولقيناه”. ويتذكر عمه حسرة والديه والحزن الذي سكن قلوبهما، ويتساءل عن- ما وصفه- بسلبية مجلس المدينة، قائلًا: “لغاية دلوقتي لا المجلس سأل فينا ولا حد عزانا حتى”.

ولم يكن أحمد سامي أول طفل يلقى حتفه بهذه الطريقة، بل كان الرابع في خلال شهور قليلة مما سبب استياء الأهالي، ويضيف ياسين: “يعني إحنا متحملين قطع المياه والعيشة المتعبة لكن كمان أطفالنا تموت في المصرف”.

ويؤكد محمود قرني، أحد أهالي القرية، وعضو مجلس محلي سابق، أن هذا المصرف ويُدعى “اللبيني 4” صدر في السابق قرار بتغطيته منذ عام 2008 وتم تغطية جزء منه فقط وبقي الجزء الذي يمر وسط المباني السكانية ولم يُصدر قرار بتغطيته على الرغم من وجود ميزانية له، كما يؤكد قرني.

ويضيف قرني أن ما يحدث كل فترة هو فقط تطهير المصرف الذي لم يخضع للتطهير منذ ما يقرب من 9 أشهر.

وتوضح هدية أن مشكلات المصرف لا تتوقف عند خطره على الأطفال، فهو يتسبب في تزايد الحشرات والثعابين والفئران بسبب تراكم المخلفات به، وتحكي عن حالات كثيرة من أهل القرية تعرضت لتآكل أصابعها من الفئران أو اللدغ من الثعابين التي ربما تؤدي إلى الموت أحيانًا. وتضيف هدية باستياء: “دي مش عيشة والله، ده رعب”.

أين الحل؟؟
وفي محاولة منها للمساهمة في الحل، أجرت جمعية تنمية السياحة بدهشور استطلاع رأي الأهالي في سبتمبر 2013 عن أهم المشكلات التي تحيط بهم، فجاءت مشكلة انقطاع المياه في المرتبة الأولى، تليها الصرف الصحي، ثم القمامة، وتبين أن عدم وجود محطة مياه قريبة من قرية دهشور والقرى التي تجاوروها حرم أهلها من المياه لأن المحطة الرئيسية تبُعد حوالي 17 كيلو مترا عن القرية.

وبسؤال منير أنور، رئيس مجلس مدينة البدرشين، عن انقطاع المياه بالقرية، أكد لـ “المندرة” انتهاء الأزمة في الشهور القليلة المقبلة، وأن قرب الانتهاء من محطة مياه “الشوبك السطحية” سوف يخدم القرى المحرومة من المياه.

ولكن تبقى أزمة المصرف كما هي، ويوضح رئيس المدينة أن ما يتعلق بالمصارف خاص بالإدارة العامة لصرف الجيزة، قائلا: “اذا كان اتخصص له ميزانية للردم فمن الصعب إنها تفضل موجودة من 2008 لغاية دلوقتي”.

الموضوع الأصلي من هنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق